إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
83055 مشاهدة print word pdf
line-top
التوسل بمحبة الصحابة كلهم

...............................................................................


بعد ذلك نتوسل بمحبة الصحابة كلهم؛ منهم ذوو القربى وغيرهم، التوسل يكون بالأعمال الصالحة، ولا يجوز التوسل بالذوات، فلا نقول: نتوسل إليك يا رب ب عليّ ولا نتوسل ب الحسن أو ب الحسين ولا نتوسل ب فاطمة ؛ بل لا نقول: نتوسل ب أبي بكر ولا ب عمر ولا نتوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما نتوسل بمحبتهم نقول: إن محبتهم واجبة علينا، وإننا نجعل تلك المحبة وسيلة إلى الله تعالى فنقول: يا رب نجنا من عذابك بمحبتنا لك، وبمحبتنا لأوليائك، ولأنبيائك ولأصفيائك، ولذوي قربى نبيك فإننا نحبهم محبة دينية؛ فنرجو أن تنجينا من النار بهذه المحبة التي هي محبة أهل الخير، محبة كل مؤمن تَقِيٍّ يُرْجَى بها الأجر الكبير، إذا أحببنا الله تعالى، وأحببنا نبيه وأحببنا أولياءه فهذه المحبة قربة نتقرب بها إلى الله تعالى، نتوسل بها .
فنتوسل إليك يا رب بعباداتنا وبعقائدنا نتوسل إليك يا ربنا بأعمالنا التي نعملها لك؛ بصلواتنا، وبصدقاتنا، وبصيامنا، وبجهادنا، وبدعوتنا إليك وبتعلمنا كلامك، وبقراءتنا للقرآن كل هذه نجعلها وسائل نتوسل بها إلى الله تعالى حتى يثيبنا، وحتى ينجينا من عذابه، فإنه ينجي من يشاء من العذاب، ويدخل من يشاء في رحمته بفضله، وبما قدموه من الأعمال الصالحة .
نعرف أن التوسل منه ما هو مشروع، ومنه ما هو ممنوع .
المشروع: هو التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة؛ مثل: قصة أصحاب الغار؛ لما انطبقت عليهم صخرة توسل أحدهم ببره لوالديه، وقال: يا رب إن كنت صادقا، فافرج عنا ما نحن فيه، وتوسل الثاني بتعففه عن الحرام مع قدرته عليه، وقال: اللهم إن كنت صادقا، فافرج عنا ما نحن فيه، وتوسل الثالث بأمانته كونه أمينا أدى الأمانة التي عنده ولم يكتمها، فكان ذلك من الأسباب التي أنجاهم الله بها، وفرج عنهم وخرجوا يمشون .
كتب بعض المشائخ رسائل في التوسل هناك كتاب اسمه التوصل إلى حقيقة التوسل المشروع والممنوع لنسيم الرفاعي رحمه الله، وكذلك أيضا كتاب آخر في التوسل المشروع والممنوع لناصر الدين الألباني رحمه الله، بينوا فيها أن التوسل بالأعمال الصالحة أنه جائز، ومن جملة الأعمال الصالحة محبة الصالحين .
فإذا قلت: اللهم إني أتوسل إليك بمحبة عبادك الصالحين، أتوسل إليك بمحبة نبيك وبمحبة الصحابة وبمحبة أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا جائز .
وأما الممنوع: فإنه التوسل بالأشخاص أن تقول: أتوسل إليك بنبيك، أتوسل إليك بخلفائه، أتوسل إليك بأنبيائك؛ وذلك لأن الله ليس لأحد عليه حق؛ الحق إنما هو من الله:
ما للعبـاد عليه حق واجب
كلا ولا سعي لديه ضائع
فينتبه إلى أن هذا التوسل إنما هو بمحبة الصالحين .

line-bottom